الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

ترجمة لرواية المنهدس الفرنسي عن مدينة زريبة الوادي


ترجمة لموضوع حــــاجـز الــوديــــان


بلدة زريبة الوادى خلال العهد الاستعماري كانت تابعة لمحافظة قسنطينة و كان ممثلي الإدارة الفرنسية يقومون بجولات عبر المدن و القرى لقبض الضرائب و مهام إدارية أخرى متنوعة ، منها مهمة مراقبة الموازين التي يستعملها التجار، و دلاء و عدادات البنزين.
الفرنسي جاك داني مهندس المناجم و الصناعة بمحافظة قسنطينة خلال خريف عام 1948 قام بزيارة إلى منطقة بسكرة و بالضبط إلى زريبة الوادي ، الطريق ترابية لم تكن معبدة ، وسيلة النقل الوحيدة هي حافلة نوع بارلي تعمل على خط بسكرة زريبة الوادى .
في النص التالي يحكي المهندس رحلته و المصاعب التي تلقاها ، النص مترجم من اللغة الفرنسية .
"" إنها مغامرة عشتها خلال احد جولاتي التفتيشية بالجنوب القسنطيني ، كنت سوف أقوم بمهمتي في مركز زريبة الوادى ، بلدة تقع على بعد 80 كلم شرق بسكرة ، على حواف الكتلة الجبلية للأوراس .
الحافلة التي تنقلني تسلك الطريق الوحيد الموجودة في هده المنطقة المعزولة ، و في كثيرا من الأحيان كانت مرغمة على قطع الوديان القادمة من الجبال، الجسور منعدمة ، و كان يجب دخول وسط الوادى الذي و من حسن الحظ كان جافا، و الخروج من الجانب الآخر لسلك الطريق الترابي .
و لقد وجدت أن زريبة الوادى تستحق اسمها الذي معناه حواجز الوديان ، التفتيش يوشك على الانتهاء حين وصلني خبر اضطراب جوي يتكون في الجبال و يجب علي العودة إلى بسكرة في اقرب الآجال ، لقطع الوديان قبل سيلانها ، و في حالة العكس سوف أجازف بالبقاء أسبوع أو أسبوعين حبيس الوديان في انتظار قيام مصالح الأشغال العمومية بإصلاح الطريق ، أي إعادة ردم الممرات المتواجدة بالوديان و إصلاحها ، قفزت إلى الخارج للتأكد من الأمر ، وحقيقة و بالشمال الغربي بعيد في اتجاه الجبال السماء كانت سوداء مثل الحبر ، و اضن أن الاضطراب الجوي كان على بعد 30 كلم و لكن قلة علمي بمعارف الأرصاد الجوية لم تسمح لي بتحديد الزمن الحقيقي لسيلان الوديان و من ثم استحالة قطعها.
على أي حال، لا يمكنني فعل أي شيء و كنت على وشك تضييع أسبوعي الجولة التفتيشية، و يجب فعل شيء و اتخذت قراري بالبحث عن السيارة الوحيدة المتواجدة بالبلدة .
بعد أن أكملنا المراقبة و جمعنا لوازم العمل ، ركبنا السيارة ، عون الضرائب المكلف بجمع الإتاوات ، عون التفتيش و أنا، ركبنا في السيارة التي تظهر عليها علامات القدم ، يقودوها مالكها الذي طمأننا نوعا ما كلامه و بشاشة و جهه ، انطلقنا في اتجاه الحواجز، الوديان كانت متباعدة نوعا ما عن بعضها البعض بعشرات الكيلومترات .
الوادى الأول و الثاني لم يعيقانا ، الوادى الثالث الذي بدأ يسيل قطعناه بسهولة ، لكننا توقفنا أمام الوادى الرابع الذي كان حاملا و غزيرا ، و تساءلنا هل يمكننا اجتيازه ، السائق الواثق من نفسه انطلق بالسيارة بقوة و اجتاز الوادى بعد أن احدث موجة كبيرة أمامه ، لينطفئ المحرك الذي تبللت خيوطه و أجهزته الكهربائية بالماء .
بعد أن نشفت جميع الخيوط الكهربائية ، انطلقنا بالسيارة لكنه و بعد وصولنا للوادي الخامس ، انه نهر الرون الذي يسيل ، و كان يجب علي منع السائق المتهور من محاولة اجتياز هدا الوادى ، و دفعه للعودة لقطع الوديان التي اجتزناها ، و كنا نأمل أن يكون مستوى جريانها لم يزد عن الحد الذي تركناه.
لقد كان حظنا الأخير، في حالة الإخفاق سوف نقع في الفخ بين الوديان المتدفقة و لأي مدة ؟ و للعجب فإنه لم تسقط و لو قطرة ماء واحدة في المنطقة التي كنا فيها. الجو داخل السيارة كان متوترا ، و خاصة انه لثلاث مرات كان يجب علينا الانطلاق في الماء ، و تعطل المحرك ثلاث مرات بسبب تدفق الماء ، غير انه تم إصلاحه و نجونا من الكارثة .
بعد عودتنا إلى زريبة الوادى كان القايد قلقا ، لقد استقبلنا بفرح و ضيفنا عنده.
في اليوم الموالي و في الصبيحة ، و لكون جميع الآمال قد تلاشت ، شاهدنا شاحنة GMC قادمة من اتجاه الوديان ، و تساءلنا هل استطاعت اجتياز جميع الوديان ؟ لمعرفة الحقيقة توجهنا نحوها ، راكبي الشاحنة هما عاملين بالبريد و المواصلات ، لقد علقا بأحد الوديان و اجبرا على قضاء الليلة بين واديين ، و في الصبيحة نجحا في اجتياز الوديان ، بالرغم من الطمي و الأوحال ، و هدا بفضل تجهيزات الشاحنة المخصصة للسير في جميع الأرضيات ، و حاليا سيقومان بالعودة لمدينة بسكرة سالكين الطريق التي تصعد للاوراس عن طريق مدينة خنشلة أي لمسافة حوالي 500 كلم .
لقد أخبرناهما بحالنا و بمشاكلنا و طلبنا مساعدتهما بالسماح لنا بركوب الشاحنة و توصيلنا إلى خنشلة و من ثم ركوب القطار .
لقد قبل مساعدتنا و اخبرانا انه لا يوجد مكان في الكابينة الأمامية للشاحنة و يتحتم علينا الركوب في الخلف الذي هو غير مغطى ، قبلنا الأمر دون تردد و بدأنا جولتنا الجديدة ، تقبلنا الاهتزاز خلال بعض الأماكن الصعبة ، متمسكين جيدا بأعمدة الشاحنة ، معجبين بقوة الشاحنة و فعاليتها في إجتياز جميع العوائق، بعد أن قطعنا الجزء الصعب و صلنا إلى خنقة سيدي ناجى ، أين قام السائق بتزويد الشاحنة بالوقود ن بعدها بدأنا في تسلق جبال الاوراس .
الطريق ملتوية و صاعدة لمسافة 30 كلم، و عندما نصعد أكثر نحس بالبرد ، لأنه في شهر نوفمبر على ارتفاع 1000 م درجة الحرارة مختلفة تماما على ما هي عليه في الصحراء .
قابض الضرائب الذي يرافقني لم يحتاط لهادة الوضعية و كان يلبس شوميزات ، بحثت في أغراضي وجدت قميصا أعطيته إياه فقال لي " لقد انقضت حياتي " و صلنا إلى خنشلة حوالي الساعة الثامنة مساءا تحت أمطارا غزيرة ، مبللين ، مرتعدين و مطأطئين ، لكننا سعداء بهروبنا من فخ حاجز الوديان.
 
المصدر:
http://wadilarab.kalamfikalam.com/t2729-topic

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Powered by Blogger